فاقد الشئ … يعطيه

اعتادنا إننا نقول دايما إن “فاقد الشئ لا يعطيه ” و توارثنا المقولة و خليناها حكم مطلق على كل محروم من شئ … و تجاهلنا إن لكل قاعدة شواذ ، ما هو لو دايما فاقد الشئ لا يعطيه مكنش النجار هيبقى بابه مخلع !

جايز إن القاعدة فى معظم الأحيان بتكون صح و جايز الحرمان من شئ معين بيفقدنا معناه و إحساسه و بيفقدنا إدراك ضرورة وجوده ، و أحيانا فقدانه و الحرمان منه بيعلمنا لا إراديا القسية و حرمان غيرنا منه حتى لو إمتلكنا قدرة عطاؤه !

لكن كمان شواذ القاعدة بيقول إن “فاقد الشئ ممكن جدا يعطيه – لأ و يعطيه كمان بجدارة على فكرة ” ، مش بس ممكن يعطيه بجدارة و على أكمل وجه لأ ده كمان ممكن يعطيه بحب و بشغف و كرم

لو بصينا حوالينا هنلاقى كتير أمثلة بتأكد كلامى ، كتير أيتام أو أولاد أسر مفككة كانوا أفضل أباء و أمهات ، كتير فقراء لما أغتنوا بقوا أسخى و أكرم ناس ، كتير ستات إتحرموا من الخلفة لكنهم ربوا أجيال و كانوا أحن أمهات  

لو كان فاقد الشئ لا يعطيه مكنش اتمنى الطفل المريض إنه يبقى دكتور عشان يداوى المرضى و يطيب آلامهم اللى عاش زيها ، مكنش الطفل اللى جرب الخوف إتمنى يبقى ظابط عشان يدى الآمان لغيره

لو فاقد الشئ لا يعطيه مكنش اللى ظروفه مسمحتش له إنه يتعلم علم ولاده أحسن تعليم ، مكناش شوفنا نماذج ناس مش متعلمة بدأت تتعلم من أول وجديد و هى كبيرة و خلصت مراحل التعليم لغاية جامعة و ساعات ماجستير و دكتوراة وكمان بدأت تشارك فى محو أمية غيرها

لو فاقد الشئ لا يعطيه مكناش شوفنا ناس عايشة مقاسى محزنة وهى هى نفس الناس  الوحيدة اللى بتقدر ترسم بسمة على وشوش غيرها و بتسعد القلوب كمان وممكن تتأكد من الكلام ده بإنك تمر سريعا على قصص و حكايات حياة بعض الفنانين وخاصة “الكوميديانات” منهم ، و شوف حياتهم عاملة إزاى و اللى بيقدموه لينا عامل إزاى !

ياما أولاد شافوا أقسى معاملة من أباءهم و أمهاتهم و عاشوا عقوق أهلهم لهم لكن لما دارت الأيام و الضعيف قوى و القوى ضعف شوفنا نفس الأولاد دول باريين بر يتحسد عليه أهلهم و شبعوا أهلهم رعاية وحنية و اهتمام فى حياتهم و كمان كانوا “الولد الصالح” اللى بيتصدق و بيدعى لهم بعد مماتهم ، وهكذابقى … الأمثلة كتير على فكرة و متتعدش  بس إحنا نركز شوية فى الناس حوالينا  

الخلاصة إن فاقد الشئ هو أكتر واحد فى الدنيا عرف قيمة الشئ اللى فقده ، هو أكتر واحد داق طعم الاحتياج له ، هو أكتر واحد إتوجع من الحرمان ، هو أكتر واحد فاهم يعنى إيه إنكسار نفس و خاطر و قلب اشتهى شئ –سواء مادى أو معنوى – وملقاش اللى يجبره !

وعشان شاف و عاش و حس كل ده فهو أجدر واحد يحس بغيره لما تتبدل الأدوار ، هو أكتر واحد هيمد إيده لغيره عشان ميعش نفس اللى هو عاشه ، هو أكتر واحد ممكن يبقى عنده طاقة عطاء لا متناهية للى يعرفه و كمان للى ميعرفوش بدون شروط أو قيود ، ده حتى عطاؤه ممكن يبقى للناس اللى حرمته و كانت سبب فى وجعه و خذلانه فى يوم من الأيام .

 

 

 

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *