أيها الفقد … إفقدنى

أبهرنى بإخلاصه ، بتفانيه  فى عمله ، أبهرنى بشغفه فى تأديه دوره الذى خلق و سخر من أجله ، أبهرنى بقوته ، أبهرنى بثباته  وصموده ، أبهرنى بقلبه الميت ، أبهرنى بمعاركه ، أبهرنى بإنتصاراته ، أبهرنى بغنائمه و مكاسبه المتزايدة يوم تلو الآخر ، أبهرنى ذلك المخلوق العجيب المريب .

أبهرنى ذلك المخلوق الذى نخافه ونهابه ، ذلك المخلوق الموجع للقلب ، ذلك المخلوق المغتصب للسعادة ، المنتزع للراحة ، المعكر للصفو ، المفرق للجمع ، المشتت للألفة ، ذلك المخلوق الفظ شديد الغلظة .

أبهرنى و أدهشنى و أصابنى بحالة من اللامبالاة الممتزجة باللاوعى ، اللافهم ، اللاإدراك ، اللاإستيعاب و اللاتقبل ، أبهرنى بحزن ، أدهشنى بحسرة ، لجمنى بعجز  فقد نختلف كبشر فى التعامل مع ذلك المخلوق بطرق شتى و نختلف فى وصفه و تحليله وكذلك قد نختلف فى مدى إدراكه و فهمه و لكننا نتفق جميعا فى العجز أمامه … إنه الفقد القادر على اغتيالنا و العاجزين عن إيقافه .

نعم… فإنى عاجزة عن  فهم ماهية الفقد ، عاجزة عن فهم الحكمة من أن نفقد أو أن نُفقَد ، عاجزة عن فهم قدرة الفقد على اختيار ما نفقده بعناية فائقة ماهرة  ، عاجزة عن التخلص من الخوف من الفقد ، عاجزة عن التخلص من ألم ما بعد الفقد .

عاجزة عن عقد هدنة مع الفقد ، عاجزة عن اقناعه بنسيانى ، عاجزة عن أن أتفاوض معه ليترك لى ما أود الإحتفاظ  به .

 عاجزة عن  أن أتقبل وجود الفقد فى حياتى ، عاجزة عن مقاومته ، عاجزة عن منعه من خطف كل ماهو غالى وثمين .

عاجزة عن  كبح جماح شهوته فى الأخذ ، عاجزة عن استيعاب إصراره على الأخذ ، عاجزة عن ردعه أمام تكراره  للأخذ.

سئمت من رجاءاتى المتكررة  له بأن يكف عن السلب و التعدى على ما أملك ، لا أدرى لماذا لا يخطئ فى يوم الفقد و يسقطنى من حساباته؟!  لا أدرى لماذا يتمسك بى؟! لماذا لا يجيد فقدى؟! أيها الفقد لى رجاء أخير … أيها الفقد أرجوك إفقدنى .

البحث عن السلام

أبحث عن حياة بها شئ من “السلام” … أعيش ب “سلام” وأموت ب “سلام” وبين كل “سلام” أنجو من “الاستسلام” .

فالإستسلام ليس فقط يأس أو خنوع أو حتى فقد الإرادة ، الإستسلام فى الحياة قد يكون التخلى عن إنسانيتك و آدميتك ، التخلى عن سمو أخلاقك ، التخلى عن كل جميل بداخلك .

فقد تتعرض للآلام و القسوة من الآخريين فتتنازل عن الرفق و اللين بداخلك ، قد تتعرض للخذلان و الكسر فتتخلى عن جبرك لغيرك ، قد تتعرض للظلم فتتخلى عن عدلك …

الإستسلام هو ضعف و وهن ، الإستسلام استنفاذ قدرتك على العطاء ، استنفاذ طاقتك الداخلية ، الإستسلام هو تعثرك فى الحياة و إختزالها فى أشخاص أو مواقف قد تتصور أنهم محور الحياة و مركزيتها وأساس توازنها ، و بالتالى إذا كانوا هؤلاء الأشخاص و تلك المواقف  مصدر صدماتك يتوقف ما داخلك عند أعتابهم و لا تتخطاها …

وهكذا مع كل صدمة من صدمات الحياة قد تتنازل عن قيمك و صفاتك و جمالك الداخلى و الذى يشكلك و يشكل روحك و يعطيك مذاقك الخاص بين البشر .

و مع كل تنازل كأنك تتنازل عن جزء من أجزائك الحية و مع استمرارية الصدمات و اقترانها بالتنازلات قد تطمس هويتك تضيع ملامحك و تمحى روحك .

مع استمرارية الصدمات و اقترانها بالتنازلات قد تتلاشى … تبدأ مسلسل من التنازلات اللامتناهية كرد فعل دفاعى عن نفسك و كأنك تغلف نفسك بالجمود لتكون مجهز ضد الصدمات و لكنك فى الواقع تصبح هش أجوف يتم استنفاذك وتحرم نفسك من سلامك النفسى ، تحرم نفسك من أن تعيش فى سلام مع نفسك و مع من حولك !

و لكى تنعم بالسلام عليك ألا تندم على ما قدمت ، عليك ألا تتنازل عن الخير لما واجهك من شر ، عليك ألا تنتظر المقابل بعد عطائك ، عليك أن تحب بدون شروط … وتذكر دائما أنك كما استطعت من قبل أن تعطى ، تحب ، تقدم كل ما بداخلك من خير و جمال فإنك تستطيع ذلك أيضا اليوم وغدا و إلى مالانهاية، فأنت تمتلك نعمة محروم منها الكثير فلا تنضم لصفوفهم و اعمل جاهدا لضمهم لصفوفك  .

وتذكر أيضا أنك و هم مجرد بشر فكما أخطأوا فمن المؤكد أنك فى يوم أخطأت و مازلت تخطئ و ستخطئ فإلتمس الأعذار … و لا تتوقف أبدا عن البحث و العيش فى حياة بها شئ من السلام .

رغبة فى الإختفاء

مش نظرة سوداوية تشاؤمية أو يأس ، و مش وعظ وتنظير، مجرد تأملات عن واقع حقيقى اتعاش و لسه بيتعاش وممكن يمس أى حد فينا أو يمس أى حد يهمنا … إنك تسمع بشكل متكرر عن حالات إنتحار انتشرت أخبارها عبر وسائل الإعلام المختلفة ، أو عرفتها عبر وسائل التواصل الإجتماعى ، أو بتسمعها فى محيط الأصدقاء و المعارف … يبقى هنا فى وقفة ، هو ايه اللى بيحصل بالظبط ؟!

ساعات بنزهق من الدنيا و ندعى على نفسنا بالموت ، لكن فى نفس الوقت لو اتعرضنا لأى موقف فيه أى نوع من أنواع الخطر أو احتمالية فقد للحياة بنفوق فى لحظة لما نلاقى نفسنا بنحاول نحافظ على حياتنا و بنقاوم الموت !

يبقى ايه اللى يخلى بنى آدم معجون بغريزة الوجود و فطرة حب الحياة و بيسعى للخلود لو استطاع ، يقرر بنفسه يسيب الجمل بما حمل ، يرمى أى غريزة متأصلة جواه  ، يكره وجوده ، يكره اللى فات و انهارده و يزهد كمان فى بكرة ؟!

الأغرب من خبر الإنتحار فى حد ذاته ، انك تعرف إن المنتحر كان من الشخصيات المتفائلة ، المقاتلة  اللى مبتتهزمش ، شخصيات عاشت مبتسمة بتضحك و بترسم الضحكة على الوشوش حواليها ، شخصيات كانت مليانة طاقة إيجابية و بتوزع كمان منها على البشر !

سواء المنتحر ترك أى رسائل بتفسر دوافعه للانتحار ، أو حتى اللى تم انقاذهم و فشلت محاولاتهم فى الإنتحار مش دايما بيتكلموا بصراحة ووضوح عن السبب الحقيقى اللى دفعهم لمحاولة الإنتحار ، يعنى نقدر نقول بتتعدد الأسباب و الإنتحار واحد … بس الأكيد مشترك ما بينهم كلهم إنهم إتخذلوا ، إتوجعوا ، فقدوا الثقة … كفروا بالواقع و بالعيشة و الأكيد و الأهم إنهم كفروا باللى عايشنها فإجتاحتهم رغبة قوية فى الإختفاء و الهروب حتى لو كان الموت هو وسيلة الوصول !

فياريت لما تسمع عن حد “إنتحر” مش قضيتك خالص تنظر و تحكم عليه و تحلل وهو أصلا خارج الدنيا باللى فيها  ، ده تترحم عليه وبس ، لأن ربنا هو اللى أعلم بيه و باللى كان عايش فيه و باللى خلاه زاهد الدنيا و زاهد العيشة و اللى عايشنها ،  أما بقى قضيتك الحقيقية فهى انك تبص حواليك وتشوف انت مقصر فى حق مين أو مين محتاجك ، مين الدنيا ضاقت عليه و وارد جدا يبقى الدور عليه…جايز يبقى ليك لازمة وتلحقه .

 

 

 

خليك مبادر … “البادى أبقى”

اضطرابات ، أزمات ،  خلافات ، ومشاحنات …  نتكلم بس من غير ما  نسمع , نصدر أحكام ونتخذ قرارات من غير ما نفكر ، مفيش صبر ، مفيش تحمل ،  صدورنا بتضييق و منعرفش نتحكم فى انفعالتنا ،  نتشاجر ، نتناحر و نثور على اللى حوالينا لأتفه الأسباب …

 نبعد ، نحط سدود ، ننعزل و نعيش أزمة تعايش مع نفسنا و مع اللى حوالينا …

 نشوف الناس من حوالينا بصورة المخطئ و نشوف نفسنا دايما على صواب، نلومهم و مانلومش نفسنا ، نترقبهم و نتصيد لهم الأخطاء “أو اللى احنا بمنظورنا شايفينه خطأ ” و نبتدى نحاسبهم و نحاكمهم ، منقبلش الأعذار ، نبرر لنفسنا الغلط و غلطهم بالنسبة لنا مش مبرر …

 ندخل دايرة خسارة الناس من حوالينا و اللى بخسارتهم ساعات كتير بنخسر نفسنا ، كلنا بنغلط ، كلنا بنتعرض لضغوط تخلينا نتصرف غلط و نغلط فى حق غيرنا ، كلنا وارد نختلف مع غيرنا ، كلنا بنستنى التانى يبدأ الأول و نكابر و فى وسط المكابرة الوجع بينا بيكبر أكتر مع ان الحل بسيط … الحل انك تكون مبادر و خدلك شعار فى حياتك ان “البادى أبقى”  .

لما تختلف مع حد مهم فى حياتك ” حد يستاهل و بيقدرك زى ما بتقدره” أو يحصل زعل لأى سبب من الأسباب بينكم دور على الحلو اللى يخليك تكمل و متركزش على الموقف سبب الزعل و اللى اترتب عليه من ردود أفعال تزعل متضيعش وقت و بادر بالصلح … حوط عليه ومتضيعش وقت فى انتظار مين اللى يبدأ فيكم .

 عايز تحافظ على حد غربل أول بأول أى حاجة بتضايقك منه أو أى مواقف مؤلمة بينكم و ارميها على جنب و كأنها لم تكن أصلا و ركز على كل حاجة حلوة و قدرها و افتكرها لما يدخل قلبك الزعل هتلاقى الحلو بيشفع و يغطى على أى حاجة تانية … الموضوع مش سهل و بيحتاج مجهود بس لما بتنجح فى تحقيقه بيؤدى لنتيجة مريحة و سلام نفسى مع نفسك و مع اللى حواليك و الأهم فرحة انك عارف تحافظ على حد مش عايز تخسره.

إلحق نفسك

“عيد ميلاد سعيد ” تهنئة رقيقة بتتواتر على الألسنة وبتتردد على مسامعك فى ذكرى يوم ميلادك فى نفس اليوم من كل عام و لكن هل هو فعلا “عيد” هل هو فعلا ” سعيد” ؟!

بيستوقفنى جدا فكرة “عيد  الميلاد” ، ايه يعنى اللى خلاه “عيد”  , أعتقد انه فعلا بيبقى عيد وفرحة أيام الطفولة بس  ، يعنى كل ما الواحد كان بيكبر سنة ديه  كانت بتبقى فى حد ذاتها فرحة لأب وأم شايفين الزرعة بتاعتهم بتكبر ما بينهم وبتلون حياتهم بشكلها الجميل وتعطر أنفاسهم بريحتها العطرة .

و بيفضل “عيد” لسنة ورا التانية لغاية ما فجأة بيتحول ل”إنذار” مستتر تحت مسمى “عيد الميلاد” … فى الوقت اللى بيبقى “عيد الميلاد” مجرد رقم بيسجل يوم دخولك للدنيا ، ورقم بيسجل بقالك كام سنة ضيف فيها ، إلا إنه كمان فى نفس الوقت “إنذار” بيفكرك انك كبرت … و شوية شوية بيفكرك انك كبرت زيادة مش كبرت بس …

“إنذار” بيفتحلك كشف حساب و يحصر خطواتك ، أفعالك ، إنجازاتك ، نجاحاتك و كمان بيحصر سقطاتك ، إخفاقاتك ، بيحصر أحلامك ورجائاتك المؤجلة و راسية على بر الخيال و متعدتهوش و لا قربت للواقع لسه …

“إنذار” بيفكرك إنك تايه فى الدنيا و أراضيها ، “إنذار” بيفكرك انك واقف فى مفترق طرق مابين ماضى فات و حاضر بتعيشه و مستقبل مش عارف فاضل فيه وقت و لا لأ ، و لو لسه فيه وقت هيكون فيه إيه و ملامحه إزاى ؟!

” إنذار ” بيفكرك إن  وقتك ، عمرك ، أيامك اللى بتتسرسب يوم ورا التانى فى “وحش” بياكلهم اسمه “الزمن”… ، الزمن اللى بيثبت ان كل لحظة ليها قيمة ، من لحظة للتانية بتتغيير كتير حاجات المقبول بيترفض و المرفوض بيتقبل ، عايش بيموت و حى جديد بيتولد , بعيد بيقرب و قريب بيبعد ، مشاكل تتحل و تتخلق مشاكل غيرها كله فى لحظة …

 ” إنذار ” بيفكرك إننا ساعات أو غالبا فى معظم الأحيان بنبقى فاكريين ان الوقت دايما معانا تحت رحمتنا “الدنيا مش هتطير يعنى” لكن الحقيقة ان الوقت مش دايما معانا و فكرة الامان “الكاذب” للوقت مطب بنتكعبل فيه و الدنيا ممكن تطير عادى فى لحظة و الحقيقة إن احنا اللى تحت رحمة الوقت …

 “إنذار ” بيفكرك  إنه ضرورى اننا نعرف نختار اللحظة الصح “مش لحظة قبلها ولا لحظة بعدها” و نستغلها عشان لو ضاعت فى حاجات كتير كمان بتضيع…

 “عيد ميلادك” هو “إنذار” بيفوقك و يقولك : “إلحق نفسك” … “الزمن وحش” بياكلنا و مش دايما للأسف بنعرف نصارع “وحش الزمن .

أيها الشريك العزيز … تفكر

لا توجد امرأة لا تود أن تدلل ، لا تود أن تقدم لها الهدايا بمناسبة و بدون مناسبة , لا تود أن تغمرها بالمفاجئات ، لا تود أن تصطحبها إلى أفضل الأماكن و أجملها و أغلاها …

لا توجد امرأة لا تريد أن توفر لها كافة سبل الراحة ، لا تريد أن تؤسس لها منزل لا ينقصه شئ ، لا تريد حياة مؤمنة ماديا بكل ما تحمله الكلمة من معنى …

و لكن برغم كل ما توده و كل ما تريده كل امرأة كنوع من أنواع التقدير المنتظر من الشريك ، ألا تعلم أيها الشريك العزيز أنها مجرد أشياء زائلة تمثل لها نوع من ترجمة اهتمامك بها و حبك لها  و ليس إلا؟

ألا تعلم أيها الشريك العزيز أن هناك ألف احتمال قد يدفع امرأتك أن تتنازل عن المعتاد بين مثيلاتها من بنات جيلها ” فيما توده و فيما تريده و يمثل نوع من ترجمة الاهتمام ”  ليس لأنها لا تعلم قدرها أو أنها لا تستحق و لكنها تفعل ذلك فى سبيل أن تحصل على جوهرك الحقيقى و اهتمامك و حبك الحقيقى ؟!

ألا تعلم أيها الشريك العزيز أنك قد تكون قرة العين و الروح و القلب لامرأتك ، فلا ترى غيرك ، لا تشعر بغير نبضات قلبك ، و لا تهفو روحها لغير نسمات روحك ؟!

ألا تعلم أيها الشريك العزيز أن امرأتك قد تريد أن تخلق معك عالمكم الخاص المطعم بقوانينكم الخاصة جدا التى لا تسير عليها كافة البرية ؟!

ألا تعلم أيها الشريك العزيز أن امرأتك قد تكون الشواذ عن القاعدة ، فلا يعنيها من الدنيا سواك ؟! فقد ترى العالم كامل بك ناقص بدونك فاكتفاءها من الدنيا يتحقق بوجودك وليس بغيرك من أناس أو أشياء ؟!

أيها الشريك العزيز … تفكر فامرأتك قد يكون لها حسابات أخرى فقد تكون أنت الرهان التى ظلت ومازالت تراهن عليه ، قد تكون انت المكسب و انت الربح ، قد تكون أنت عوض السماء الذى طالما انتظرته و أيقنت بالفوز به فى يوم ما .

أيها الشريك العزيز … تفكر ، تفكر بقلبك و أعلم أن امرأتك خلقت لكى تكون امرأتك انت ، نصفك التائه منك و انت نصفها التائه منها ، فأنتما سويا كقطع الزجاج المعشق ، فتكتمل بوجودكما لوحة نادرة ذات تصميم خاص  ، و هذا الاكتمال  لا يعترف بأى شئ آخر سوى بكما ، بوجودكما سويا ، و بقوة تلاحم روحاكما .

عالمى الخاص الذى أعيش فيه

رافقتنى منذ زمن بعيد ، فعندما كنت صغيرة لا أعى من الدنيا سوى أمى وأبى وعائلتى الصغيرة كانت تشعرنى بالذاتوية وتجعلنى موضع اهتمام كل من حولى .

علمتنى أن أمسك بالقلم والورقة لأشكل بأصابعى كلمات غير مفهومة لوعيى وإدراكى، فكانت تدفعنى بشغف  لنقل ونقش الكلمات المتناثرة فى الكتب و الجرائد والمجلات .

وعندما انتقلت لمرحلة المدرسة كانت سعادتى لا توصف فدورها ازداد جمالا كانت تحثنى على الاستفادة من كل كلمة أتلقاها من مدرسينى و كانت تساعدنى على تخزينها فى ذاكرتى، علمتنى ايضا متى وكيف أظهر هذا المخزون .

أما عندما وصلت للمرحلة الاعدادية علمتنى التحرر والرفض والشجب من خلال  نقش كلمات مواضيع التعبير، حتى لقبنى بفضلها أحد مدرسينى بالمتمردة نظرا لآرائى الجريئة أحيانا و الرافضة للواقع أحيانا وأحيانا أخرى نظرا لآرائى المتطلعة لمستقبل بعيد .

و فى وقت الضيق فكانت كاتمة أسرارى، وفى وقت تحديد المصير كانت مرشدى ودليلى لاختيار دراستى الجامعية وخلال دراستى كانت هى جزء منها، وكذلك فى عملى كانت جزء لا يتجزأ منه، وفى أوقات فراغى كانت هى أيضا هوايتى … انها “الكتابة” .

نعم ” الكتابة” فهى بالنسبة لى حياة ، عالمى الخاص الذى أعيش فيه ، لم أجد أوفى من الكتابة صديقا لأبوح لها عن أفكارى واتجاهاتى وآرائى …  , فلم ولن تخذلنى يوما فى استقبال وتدوين كل ما بداخلى، فهى خير نعمة من الله سبحانه وتعالى وخير وسيلة لنقل تجاربى وتجارب من حولى، وهى أفضل ما يمتعنى ويشعرنى بالراحة و السكينة ، هى أفضل ما يشعرنى بوجودى و ذاتى .

 

لمن يهمه الأمر

عندما تعجز كلماتك عن التعبير فتنتقص جملتك لمعناها…

عندما تلجأ للألغاز وتستبدل تصريحاتك بتلميحاتك…

عندما تتكاتف أسرارك لتملأ قلبك ومع ذلك لا تستطيع البوح…

عندما تشعر ولا تستطيع اظهار مشاعرك…

عندما تتألم ولا تستطيع أن تتأوه…

عندما تحتاج لشخص ما ولا تجرؤ الاعلان عن حاجتك له…

وعندما تتلهف عليه وتحترق روحك شوقا له فتهرول نحوه ورغم ذلك تتراجع فجأة خوفا من رد فعله وخوفا ألا تلاقى ما ترجوه منه…

عندما تضعف لدرجة تجعلك تقسو على نفسك لتخفى بقسوتك ضعفك…

عندما تبتعد رغم رغبتك الشديدة  فى القرب…

عندما تنتظر ويطول بك الانتظار ورغم ذلك لا تكل ولا تمل بل تزداد أمل…

عندما تهتم لأمره دون علمه…

عندما تتواصل مع روحه دون وجود أدنى وسيلة للاتصال…

عندما تسعى لمعرفة عنه المزيد وتبحث عن كل مايريد…

عندما تحترمه و تقدره وتضعه بكافة حساباتك مع كل قول أو فعل…

عندما تراه فى كل من حولك…

عندما تستشعره خلال كل شئ تفعله…

عندما تتمنى أن يقاسمك أوقاتك بل ويصنع معك لحظاتك…

عندما ترى فيه ومعه مستقبلك الآتى وتشتم منه رائحة السعادة…

عندما تتذكر كلماته و أقواله جيدا بل وتتعامل بها وتقحمها فى أحاديثك دون أن تدرى…

عندما تتساءل عن تفسير ما تمر به ولا تجد الاجابة…

عندما تبتسم بنقاء وبراءة الأطفال لمجرد تذكره…

عندما تشعر أن كل ما سبق غير كافى وأن مازال لديك المزيد…

وعندما تعيش هذه الحالة بكل معانيها وتستنكرها ثم تجاريها…

و عندما تود أن تصل هذه الكلمات لمن يهمك وتتمنى أن يهمه  هو الآخر الأمر…. فأعلم أنه لك يمثل الكثير و أنك وقعت لدى من يهمك أن يهمه الأمر أسير .

مش بتوقف على حد

“مش بتوقف على حد ” … جملة بنصبر بيها  نفسنا ونصبر بيها اللى حوالينا وقت الجرح وقت الوجع، جايز تكون حقيقية لكن كمان بتختزل حقيقة تانية أهم بتختزل  احساس القهر اللى بنعيشه، صحيح إن الدنيا مش بتوقف على حاجة ولا على حد لكن الحقيقة كمان بتقول ان فى حاجات تانية كتير أهم بتوقف جوانا  …

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بالدنيا واستمتاعك بيها وبمعناها ممكن يوقف.

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بالآمان، بالثقة فى اللى حواليك ممكن يوقف.

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بالقدرة على التسامح والنسيان ممكن يوقف.

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بالحب ممكن يوقف، احساسك بالقدرة على العطاء ممكن يوقف.

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بالقدرة على التحمل ممكن يوقف ، طاقتك اللى دايما كانت بتتجدد ممكن توقف.

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بالقدرة على الحلم من جديد ممكن يوقف، قدرتك على الأمل والتفاؤل ممكن توقف.

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بالقوة ممكن يوقف، احساسك بانك لسه قادر تكمل ممكن يوقف.

الدنيا مبتوقفش لكن احساسك بأنك تكون مجبور الخاطر من غير كسرة نفس أو ذلة روح ممكن توقف.

ويوم ما بنوصل لجملة “الدنيا مبتوقفش” ساعتها بنعرف كمان ان فى مسلسل من “الخذلان” ابتدا ومش هيوقف … لما الدنيا مبتوقفش بنعرف انها بتكون قطر واخد فى وشه ودايس على كل حلو عشان يوقفه ومركب معاه  فوق قضبانه كل مر بيوجع ومساعده انه ميوقفش .

الدنيا فعلا  مبتوقفش لكن الحقيقة ان  “احنا ”  اللى أكيد  بتوقف !!!

 

تجرأت

تجرأت عندما قررت ، قررت عندما اختارت ، اخترت عندما أدركت  ، و أدركت عندما تمردت … نعم تمردت ، تمردت على خوفى من ترك  أماكن ، أشياء و ربما أشخاص …

تمردت على تعلقى بهم بعد أن اعتدت الحياة فى ظل فلك تلك الأشياء و الأماكن و تكيفت على أسلوب معيشة هؤلاء الأشخاص ,  تمردت على  كل ما اعتدت عليه من حياة “آمنة إلى حد بعيد” .

أدركت أن الخوف و التعلق ما هما إلا حاجز استسلمت له ، أو راق لى فى أحيان كثيرة و مع الوقت تطبعت به وقدمت له جزء منى و مساحة بداخلى ليسكن و يعيش و يجد منى تربة خصبة يزرعها بكل ما تمكن من رهبة المحاولة واستصعاب التغيير.

اخترت أن استقل بمشاعرى و أفكارى و سلوكياتى عن نمط رتيب سجنت نفسى داخله و منعنى من رؤية عوالم جديدة تنتظرنى .

قررت أن أترك ما مضى ، أن أستقل عن “حياتى الآمنة ” و ألأ أستمع لصوت التعلق أو الخوف و التردد ، قررت أن أسعى للتجربة بشغف ، أن أصل لها وأخوضها بكل تفاصيلها و جوانبها إيجابية كانت أو سلبية .

و بذلك أيقنت أن الخوف يتلاشى فى نفس اللحظة التى نقوم فيها بتنفيذ ما نخافه ، و أن التجربة هى خير معين على كسر ذلك الخوف .أيقنت أن القادم لا يحتمل السكون ، لا يحتمل التردد ، لا يحتمل الانتظار…

تجرأت على نفسى و تحديت صوتها الخفى ، صوتها المتجسد ظاهريا بصوت العقل و المنطق ولكنه فعليا ما هو إلا عائق يمحى وجودى ، يقوقع ما تبقى منى داخل بوتقة النفور من كل ما هو جديد ، النفور من التجربة ، النفور من استقلاليتى , النفور من الاستناد على ما بداخلى من قوة .

تمردت عندما أدركت معنى جديد لحياتى و علمت أن هذا المعنى يحتاج لاختيار فاخترت و حينها أدركت أن الاختيار يحتاج لقرار يدعمه فقررت وعلمت أن القرار يحتاج لجرأة فتجرأت و حينها فقط أيقنت أنى تحررت .