اسأل مجرب و لا تسألش طبيب

انك تمر بتجربة و تكون صاحب خبرة يعتد بيها ده شئ و انك بناء على خبرتك ديه و تجربتك تنصب نفسك مرجعية مطلقة و واصى على بقية البشر ديه حاجة تانية خالص

كل واحد بيمر بمشكلة حتى لو كانت ظاهريا متشابهة بمشاكل ناس قبله مروا بيها إلا ان دايما هنلاقى فروق بسيطة و احيانا مش بسيطة اولها انك شخص مختلف عن الشخص اللى مر بالمشكلة يعنى تفكيرك مختلف , قيمك مختلفة , اختياراتك مختلفة , اولوياتك كمان مختلفة حتى ألمك و ضيقك و حزنك وقت المشكلة ممكن يكونوا مختلفين فمينفعش تلجأ للمجرب على سبيل انه عنده الحل المطلق و تنسى الفروق النسبية اللى بينكم

ده غير ان الشخص اللى مر بتجربة قبلك مش ضروى ابدا انه يكون كون خبرة ايجابية لها أسس موضوعية توصله لأحكام صحيحة ممكن جدا يكون تعامل غلط مع مشكلته و أساء التصرف فى التعامل فكون بالتالى صورة سلبية و بنى عليها أحكام غير موضوعية و بناء عليها حط منهج خاطئ للتعامل مع المشكلات

ممكن جدا ينصحك من منظور حياته و قيمه و عقله و تفكيره و بيئته اللى عايش فيها واللى متتناسبش معاك , ممكن ينصحك من منظور طموحه اللى ممكن يكون أصغر من طموحاتك فيحبطك و يحسسك انك عمرك ما هتوصل أو يكون طموحه أكبر منك بمراحل فيعشمك بحاجة متتناسبش مع قدراتك فيغرقك

المشكلة مش بس انه بيعرض تجربته عليك المشكلة انه بيعتبر نفسه الصح و بيعتبر نفسه الواصى الناصح المنقذ وانه كده بيوفر عليك تعب التجربة و تعب الوقوع فى الأخطاء فى حين انه فى معظم الأحوال بيكون فعلا بيضرك لأنه بينقلك غالبا خلاصة تجربة مغلفة بمشاعره و أحاسيسه هو اللى مر بيها وقت تجربته مش خلاصة موضوعية مبنية على العقل و التفكير

بيخوفك من انك تجرب بنفسك , بيخوفك من انك تلجأ للمتخصص اللى ممكن يقيم مشكلتك و يساعدك للوصول لأفضل حل مناسب لحالتك انت و يوهمك ان المجرب أفضل بمراحل

ممكن جدا يكون موصلش لخلاصة تجربته من نفسه لكنه مشى ورا كلام مجرب قبله و بالتالى بقى نسخة متكررة من اللى قبله و بيوجهك انك تكون نسخة متكررة منه و كله تحت شعار ان المجرب أصح و أوعى ويفضل مجرب يسلم لمجرب فنحط كتالوج من الحلول الراكدة لمشاكل أشخاص مختلفين بدون أى ابداع او ابتكار فى الحلول , من غير ما نفكر نخرج همسة بره الخط المرسوم , بنريح دماغنا او بنشيل من على نفسنا المسئولية باللجوء للحلول الجاهزة تحت شعا ر اننا بنسأل المجرب اللى فاهم لكن فى الحقيقة احنا بنضيع نفسنا و بنضيع على نفسنا فرصة التعلم , عمرك ما هتتعلم الا لو انت جربت بنفسك مش لو نفذت تجربة غيرك و مشيت على حذافيرها

مش هأقول ان كل مجرب مش موضوعى ومش واعى و مش مفيد لكن كمان مأقدرش أجزم ان كل مجرب بيفيد , مش هأقولك متسألش أو متسمعش تجارب و خبرات ناس قبلك لكن هأقولك متسمحش توقف مخك و تأخذ كلامهم كلام مطلق و متقبلش يكون حد واصى عليك لمجرد انه مر بتجربة مشابهة

الصح انك تسمع آراء كتير , تلجأ لمجربين كتير , وتسمع حكاويهم كلها و حلولهم و آرائهم لكن متنساش ان المتخصص كمان هيفيدك فلازم تلجأ له وتسمع رأيه و تستوعب رؤيته لكن برضه متستناش منه الحل على الجاهز و الخطوة بقى الأهم انك بعد ما تسمع كويس و تستوعب و تجمع أكبر كم من الخبرات و التجارب تبتدى تغربل , غربل كل اللى سمعته و احتفظ بس بالمناسب ليك و لحالتك و بعد كده فكر كويس مرة و اتنين و ثلاثة قبل ما تكون منهج خاص بيك لحل مشكلتك

و الأهم بقى من كل المهم اللى فات انك بعد ما تخطى مشاكلك و تبقى صاحب تجربة متمارسش دور الواصى على غيرك و متوقعش فى نفس الفخ اللى وقع فيه غيرك صحيح انت مجرب و اكيد هتتسئل زى ما فى يوم سألت لكنك هتعرض تجربتك من باب عدم البخل باللى وصلتله فى طريقك مش من باب انك الأعلم والأجدر بالنصيحة والوصاية عشان بس انت مجرب .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *